صوره ارشيفيه |
فى الليلة السابعة والعشرين من شهر رجب، يحتفل ملايين المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، بالإسراء والمعراج، وهى الرحلة التى اتصلت فيها الأرض بالسماء، فى معجزة إلاهية اختص بها الخالق عز وجل، خاتم انبياءه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم.. وقد حملت رحلة الإسراء والمعراج من المشاهد، ما يعجز العقل البشرى عن استيعابه، ولكنها قدرة الله الخالق العظيم الذى يقول للشئ كن فيكون، ففى هذه الرحلة انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس فى فلسطين على ظهر "البراق"، ومن هناك عرج به جبريل عليه السلام إلى السموات العلا، ثم عاد إلى مكة فى ذات الليلة.. معجزة الإسراء والمعراج مليئة بالتفاصيل والأحداث نرصده فى السطور التالية
أسباب رحلة الإسراء والمعراج
ما بين السنة الحادية عشرة، وبين السنة الثانية عشرة من البعثة النبوية، تعرض الرسول الكريم محمد (ص)، لابتلاءات عديدة أصابتها بالحزن والهم وأثقلت كاهله، فقد توفى عمه أبو طالب، الذى كان داعمه ومانعه فى مواجهة صناديد الكفر فى قريش، ثم توفيت زوجه السيدة خديجة رضى الله عنها، وهى أول من آمن به من النساء، وكانت له نعم الزوجة والسكن، ثم تعرض لما تعرض له من صد ورفض وإيذاء من أهل الطائف عندما ذهب إليهم يدعوهم إلى الإسلام وعبادة الله وترك عبادة الأصنام.. فى هذا الوقت دعى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه مناجيا: " اللهم إليك أشكو ضعف قوتى، وقلة حيلتى، وهواني على الناس.. أنت رب المستضعفين وانت ربي.. إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمنى أم عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علىّ، فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي.. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن ينزل بي غضبك أو يحل بي سخطك.. لك العتبى حتى ترضى.. ولا حول ولا قوة إلا بك يا الله"
وبعد هذه المناجاة من الرسول إلى ربه، أراد الله ان يخفف عنه ما به من هم وحزن، وأن يسري عن قلبه، ويطمئنه ويفرج كربه، ويدخل السرور إلى نفسه بمكانة عليّة لم يبلغها أحد من أنبياءه ورسله، فكانت رحلة الإسراء والمعراج.
إسراء النبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
اختلف العلماء حول الموعد الدقيق لرحلة الإسراء والمعراج، ولكن الراجح بينهم أنها حدثت ليلة الثاني عشر من ربيع الأول، وقيل إنها حدثت قبل الهجرة بعام واحد.. فى تلك الليلة جاء أمين الوحي جبريل عليه السلام، إلى النبي وهو قائم يصلي فى المسجد الحرام، ومعه دابة أكبر من الحمار وأقل من الفرس يطلق عليها "البراق"، لأنها تنطلق بسرعة كبيرة وتطوي المسافات طيا، فركبها الرسول مع جبريل، وانطلقا إلى المسجد الأقصى فى فلسطين فبلغاه فى دقائق معدودات.. وهناك وجد الأنبياء والرسل السابقين فى انتظاره، فسلم عليهم وسلموا عليه، ثم صلى بهم إماما فى المسجد الأقصى.. وهنا انتهت المرحلة الاولى من الرحلة المعجزة وهي مرحلة الإسراء، أى الانتقال ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى على ظهر دابة البراق.. وهى الرحلة التى ذكرها الله تعالى فى كتابه الكريم قائلا" "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله"
معراج النبي إلى السماوات العلى وسدرة المنتهى
بعد ان انتهى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من صلاته بالأنباء والرسل، اصطحبه أمين الوحي جبريل فى رحلة المعراج التى هيأها الله عز وجل لنبيه الكريم، وهى الصعود إلى السماوات السبع الواحدة تلو الأخرى.. وفى هذه الرحلة المعجزة شاهد النبي محمد بعينيه وسمع بأذنيه، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، والتقى أنبياء الله ورسله، وتكلم معهم وكلموه وهنأوه برحلته المعجزة.. ففى السماء الأولى، التقى "آدم"- عليه السلام- أبا البشر ، وفى السماء الثانية "يحيى وعيسى" - عليهما السلام- وفى السماء الثالثة "يوسف" – عليه السلام- وفي السماء الرابعة "إدريس" – عليه السلام- وفى السماء الخامسة "هارون" – عليه السلام- وفى السماء السادسة "موسى" – عليه السلام- وفى السماء السابعة "إبراهيم" أبا الأنبياء- عليه السلام.
ارتقاء رسول الله إلى سدرة المنتهى
بعد أن تجاوز الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، السماوات السبع بصحبة أمين الوحي جبريل عليه السلام، ارتقى الرسول وحده إلى سدرة المنتهى، وتوقف جبريل ولم يتقدم معه، وهذه مكانة لم يبلغها نبى ولا رسول ولا ملك قط، وهناك فرض الله الصلوات الخمس على عباده المسلمين، وانكشفت للرسول الحجب، فرأى الجنة وما بها من نعيم أعده الله للمتقين، ورأى النار وما بها من جحيم أعد للكافرين والعاصين.. ثم عاد النبي محمد إلى مكة فى ذات الليلة، ليواصل دعوته فى نشر الإسلام فى شبه جزيرة العرب.
إرسال تعليق