-->
U3F1ZWV6ZTI0OTIyODIyOTkxX0FjdGl2YXRpb24yODIzNDExOTk3MTU=

الولاء في الإسلام مفهومه وتطبيقاته


مدخل
الولاء لأعداء الله فتنة خبيثة تخلع أوتاد الإيمان من القلوب وتهد أركانه هدَّا ،  فليس هناك امرؤ أسلم لله تعالى وفي قلبه مثقال ذرة من ولاء لمن يحارب دين الله ، ويجهر ببغضه للإسلام ، ويشجع على إذلال أهله وإهانتهم قال تعالى (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  ) ( المجادلة 22).
إن أمّتنا تعيش مرحلةً جديدة في تاريخها، وتقف على مفترق طرق، وتحتاج إلى تعاون علمائها ومفكّريها وأصحابِ القرار فيها، ليقوموا بتصحيح أخطاء ماضيها، وإصلاح حاضرها، وإضاءة مستقبلها.
وفي هذه المرحلة الحرجة تقع أمّتُنا وعقائدُها تحت ضغوط رهيبة، تكاد تجتثّها من أساسها، لولا قوّةُ دينها وتأييدُ ربّها عز وجل. ([1])

ومن هذه الضغوط ما كان سببا في انتشار بدعة الولاء لأعداء الاسلام حكومة و أفرادا وإنا لله وانا اليه راجعون.
وفي الأسطر القادمة نتناول – بعون الله تعالى – مفهوم الولاء في الاسلام ومخاطر الولاء لأعداء الإسلام ومظاهره  و أسبابه و بالله التوفيق و السداد.

مفهوم الولاء في اللغة.
قال ابن فارس الواو واللام والياء: أصلٌ صحيح يدلُّ على قرب. من ذلك الوَلْيُ: القرْب. يقال: تَباعَدَ بعد وَلْي، أي قُرْبٍ.
وجَلَسَ ممّا يَلِيني، أي يُقارِبُني.ثم قال بعد أن  ذكر معاني الباب" والباب كلُّه راجعٌ إلى القُرْب." ([2])
وقال الفيروز أبادي والوَلِيُّ، والرَّبُّ، والناصِرُ، والمُنْعِمُ والمُنْعَمُ عليه، والمُحِبُّ، والتابعُ، والصِّهْرُ ، وتَوَلاَّهُ: اتَّخَذَهُ ولِيًّا ([3])

مفهوم الولاء في الشرع :
الولاء هو  التّقرّب وإظهار الودّ بالأقوال والأفعال والنّوايا، لمن يتّخذه الإنسان وليّا، فإن كان هذا التّقرّب والودّ مقصودا به الله ورسوله والمؤمنون، فهي الموالاة الشّرعيّة الواجبة على كلّ مسلم، وإن كان المقصودهم الكفّار والمنافقين، على اختلاف أجناسهم، فهي موالاة كفر وردّة عن الإسلام  قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ  البقرة (257) ([4]) .





النهي عن الولاء لأعداء الدين من القرآن و السنة .
وردت الآيات و الأحاديث تحذر من اتخاذ من يحاربون الله تعالى من الكفار و المنافقين أولياء ، وذلك لحكمة تجنب الضرر الواقع منهم على الأمة فبموالاته يقع الضرر الحتمي البالغ و الذي نعاني من آثاره اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ومما جاء في القرآن لبيان ذلك :
-       وقوله تعالى:( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء). آل عمران:28
-       و قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة51.
-       وقوله تعالى (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ ، وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ۚ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) ) المائدة.
وقوله  تعالى( يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الذين اتخذوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ والكفار أَوْلِيَاءَ واتقوا الله إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين) المائدة 57
وقوله تعالى : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسول)المجادلة:22.
-       وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) الممتحنة :1
ومن النصوص الواردة في السنة
-       عن جرير بن عبد الله ، قال :  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، قالوا : يا رسول الله لم ؟ قال : لا تراءى ناراهما " . ([5])
-       وعن جرير - أيضا -، قال : قلت : يا رسول الله بايعني واشترط علي ، فأنت أعلم ، فبسط يده فبايعه ، فقال : " لا تشرك بالله شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتنصح المسلم ، وتفارق الكافر " . ([6])
-       عن ابن عباس رضي الله عنهما " أوثق عرى الإيمان الموالاة  في الله ، و المعاداة في الله ، والحب في الله و البغض في الله ." ([7])
وغير هذه الأحاديث كثير ومن أقوال الصحابة رضي الله عنهما يدلان على وجوب مجانبة الكفار وعدم الولاء لهم .

أسباب موالاة أعداء الله .
1-   الفئات الخبيثة في المجتمع المسلم.
الفئات السرطانية في المجتمع المسلم التي أخذت على عاتقها جر أبناء المسلمين إلى المدنية المزعومة ،  وهذه الطبقات المتعاقبة من أصحاب القانون الوضعي هي  الطبقات البديلة ممن تربوا في أحضان الغرب ، ودانوا بفكرتهم و تمذهبوا بمذاهبهم وعلى آثارهم يهرعون  ، وفي مرضاتهم يتنافسون و بذاهبهم العلمانية و الاشتراكية و الشيوعية و الصهيونية يتمذهبون !!! يهتفون باسمهم ويدعون إلى مبادئهم ويحملون الناس عليها . ([8])
2-  التقليد القهري.
هو أحد أهم أسباب المولاة لأن التقليد طريق ممهد للإلف و المؤانسة  ، وهو قهري لأنه سببه قانون الغلبة الذي تحدثنا عنه من قبل ، ولدينا هنا نص ثمين للعلامة المؤرخ عبد الرحمن بن خلون يصف هذا النَّوع من التَّقليد فأنقله كاملا .
يقول بن خلدون "  المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده ..، و السبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها و انقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه أولما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب فإذا غالطت بذلك و اتصل لها اعتقاداً فانتحلت جميع مذاهب الغالب و تشبهت به و ذلك هو الاقتداء أو لما تراه و الله أعلم من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية و لا قوة بأس  إنما هو بما انتحلته من العوائد و المذاهب تغالط أيضاً بذلك عن الغلب و هذا راجع للأول و لذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه و مركبه و سلاحه في اتخاذها و أشكالها بل و في سائر أحواله و انظر ذلك في الأبناء مع آبائهم كيف تجدهم متشبهين بهم دائماً و ما ذلك إلا لاعتقادهم الكمال فيهم و انظر إلى كل قطر من الأقطار كيف يغلب على أهله زي الحامية و جند السلطان في الأكثر لأنهم الغالبون لهم حتى أنه إذا كانت أمة تجاور أخرى و لها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه و الاقتداء حظ كبير كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم و شاراتهم و الكثير من عوائدهم و أحوالهم حتى في رسم التماثيل في الجدان و المصانع و البيوت حتى لقد يستشعر من ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء و الأمر لله. و تأمل في هذا سر قولهم العامة على دين الملك فإنه من بابه إذ الملك غالب لمن تحت يده و الرعية مقتدون به لاعتقاد الكمال فيه اعتقاد الأبناء بآبائهم و المتعلمين بمعلميهم و الله العليم الحكيم و به سبحانه و تعالى التوفيق ([9])

3-   الرغبة في استبقاء السلطة و طلب الحماية .
ولهذا السبب ضاعت الشعوب الإسلامية ، و أصبحت كلأً مستباحا لأبناء العالم الآخر ، و السبب يرجع إلى من قدموهم قرابين وضحايا السلطة و اللجوء ، سواء أكانوا حكاما أو محكومين ،يوالون أعداء الله ، ويوادونهم  ويتحببون إليهم توددا وتقربا إليهم  تثبيتا لملكهم واستبقاءً لسلطانهم ، وطلبا لحمايتهم ، فتراهم يتصدرون أزمَّة الحكم ويحتلون مكان الزعامة الدينية و الروحية و الفكرية و السياسية و التنفيذية  ، ويدفعون بشعوبهم مغافلة إلى ما يريدون بل إلى ما يألفون  وهم يدرون أو لا يدرون ما يراد بهم وبشعوبهم أو ما سيصير إليه أمرهم و إنا لله و إنا إليه راجعون !! ([10])






4-   تبعيَّة علماء السلاطين.
لعنة حلَّت على العلم و التربية و نشر الدعوة  و التَّصدي للمجون و الزيف و الفسق أن ترى  بعضا ممن ينتسبون للعلم و أهله – بحق أو بغير حق – يمهدون لسلاطين الجور ولاءهم لأعداء الأمة و من يكيدون لاستباحة بيضتها ، وليس هذا فحسب ، بل يعملون على تدفئة الجو لتوفير العلاقات السليمة الخالية من أي نوع من أنواع البراءة من الكفر و أهله .
فاستخدمهم الطغاة المنهزمون  كي يلبسوا على المسلمين دينهم فتراهم  يسلكون مسلك الدجالين و المخادعين في تمرير القوانين الوضعية  ، و الحكم بها وتدريسها في معاهدو جامعات المسلمين ، يغلفون دعوتهم  بغلاف من المكر و الخداع فتارة يقولون بأن الله فوض للأمة أن تضع ما يصلح شأنها من أنظمة وقوانين !
وتارة يدعون أن القوانين الوضعية توافق الشريعة الإسلامية!
فهؤلاء قذى في أعين الإسلام وبثرة في وجه الدين ، و الإسلام منهم براء وسيحملون أوزارهم كاملة ومن أوزار الذين يضلونهم إلى يوم القيامة" ([11])

5-   الإيحاءات الإعلامية الفتَّاكة.
الخطاب الإعلامي اليوم بنخبته متوجه إلى (مكيجة ) ([12])  المدنية الغربية بنوع من المولاة الجديدة ، باعتبار أن عقيدة الولاء و البراء إنما هي غطاء نلبسه في أوقات العداء و الحرب ، أما الأن فنحن في طور التَّقدم ومواكبة العصر فإذا لبسنا هذا الغطاء مرة أخرى فيجب علينا أن نعيش في القماقم ، ولن نصل إلى كل جديد.
إيحاءات سلبية تخرج منها رائحة القهر و التبعية ، تنطلي على الجماهير المسكينة في ظل الزخم الحضاري و التَّوَرُّم الثقافي المتمدن المزعوم.
وهذه الفئات منتسبة إلى الإسلام زورا وخرجت على الدين خروجا سافرا في أقوالها و أفعالها وسلوكها ، ليقول الناس عنهم إنهم أحرار التفكير ورواد الإصلاح وما هم في الواقع إلا ببغاوات يرددون كل ما ورد من الغرب الكافر أو الشرق الملحد وهو عندهم طابع المدنية وسمة الحضارة ، ولن يكون الإنسان عند هؤلاء مدنيا متحضرا إلا إذا انسلخ من دينه .
وبذلك عمت الفوضى و انتشر الفساد وتولى الجيل الذي ربَّاه المستعمرون تربية المسخ و الانحلال ومحاربة أحكام الله. ([13])
وخلاصة الأمر :
لن يتحقق معنى استخلاف الله للمسلم في الأرضإلا  بحمل راية هذه العقيدة المكينة و معرفة طبيعة عدوه ، وبواعثه وطبيعة المعركة التي يخوضها معه  لتتحقق نتائج البراءة من هذا العدو الذي حذر الله تعالى من مخالطته حبا و نصرا وموالاةً. ([14])





صور المولاة المحرَّمة على المسلمين :
تأخذ مولاة الكفار صورا و أشكالا متعددة  أهمها :
1-              الحب و المودة.
ليس وراء حب هؤلاء الأعداء و مودتهم خير قط ، و هذه علامة على دخيلة في إيمان العبد ، لأن المؤمن الحق من كان حبه وبغضه لله وفي الله .
قال تعالى: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة .22
فالمؤمن يحب المؤمنين لإيمانهم و يبغض الكفار لكفرهم بالله تعالى ، بل ويبغض ما عند المؤمنين من معاصي وفسق لمخالفتها محبة الله تعالى .
ولابد في هذا الباب من التفريق بين حب الطبع الذي جبل عليه الإنسان وحب الاختيار الذي كلَّفه الله به مختارا متعبدا به ، فحب الطَّبع لا يعاقب الانسان عليه مادام أنَّه لم يؤثر على حب الاختيار .
مثال : لو أن رجلا مؤمنا و أمه نصرانية،  فإنه بالطبع يحب أمَّه لا لأجل شيء إلا لأنها أمّه ، وهو لا يملك من  هذا الأمر شيء، لكن إن أمرته بالرجوع عن دينه لأنها ستغضب عليه وتهجره و تمنعه مما في يدها ، فيقول سأطيع أمي لأنني أحبها ولا أريدها أن تغضب مني ، فإنه يحاسب على ذلك لأنه تعدى فأفسد حبُّ الطبع حبَّ اختيار الله ورسوله و الايمان بهما و الكفر بما دونهما .
2-              النُّصرة و التَّأييد .
وهذه الصُّورة لا ينفع معها الإيمان ، فإنَّ نصرة الكافرين على المسلمين وتأييدهم بالعدة و العتاد و المعلومات  كفر لقوله تعالى :( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من الله في شيء) آل عمران : 28.
قال ابن جرير الطبري – رحمه الله – (ليس من الله في شيء) يعني بذلك فقد برئ من الله ، و برئ الله منه ، بارتداده عن دينه ، ودخوله في الكفر " ([15])
مثال: لو أن ضابطا مسلما يعمل في جيش دولة كافرة محاربة ويعينهم ويساعدهم ويحارب معهم فحكمه حكم المرتدين في الدنيا و المشركين النجس بعد موته.
قال ابن حزم  - رحمه الله –  "من لحق بدار الكفر ، و الحرب مختارا محاربا لمن يليه من المسلمين ، فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها من وجوب القتل عليه متى قُدر عليه ، وإباحة ماله ، وانفساخ نكاحه ، وغير ذلك "([16])
ويحدث هذا كثيرا من الجنود و الضباط الذين يعملون في الجيش الإسرائيلي الذي يحارب المسلمين في فلسطين ، و الجيش الروسي الذي يقتل المسلمين في سوريا وبلاد القوقاز ، و جيش الصين الذي يساعد على قتل و حرق المسلمين في بورما ( مينمار).
هذا وصور المولاة لا تنتهي ، فكل علاقة تجلب ضررا ظاهرا أو باطنا للفرد المسلم أو المجتمع ، عُلم هذا الضرر أو لم يُعلم فهو نوع مولاة ،فيدخل فيها التشبه بهم ، والنُّصح لهم و التجارة معهم إن كانت تقوِّيهم على المسلمين وتزيد من اقتصادهم ضد المسلمين ، فمقاطعتهم أوجب و أولى مما نراه يحدث من الحكومات الإسلامية  بالمسارعة في وضع الأموال الطائلة في بنوك الغرب على سبيل الاستثمار و إقامة المشروعات ، التي في الحقيقة هي مساعدة لهم على قتل أبرياء المسلمين .
ثم نجد من العلماء الذين كانوا يعلمون الأمة التوحيد و يرسخون لعقيدة الولاء و البراء يدافعون عن هؤلاء الحكام بدعوى أنَّ هناك مفاصلة بين العقيدة و المعاملة و أنها ليست من صور المولاة ، وإلى الله  نشكو  ضعفنا وهواننا.


[1] الولاء والبراء بين الغلو والجفاء في ضوء الكتاب والسنة  حاتم العوني ص 1
[2]  معجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة ولي.
2  القاموس المحيط مادة ولي.
[4] مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة  علي بن نايف الشحود ص7

[5]  أخرجه أبوداود ( 2645) , والترمذي 1/ 433 ,والطبراني (2264) , وابن الأعرابي في "معجمه" (858), والبيهقي 8/ 128  وصححه الالباني في صحيح الجامع 1474
[6]إسناده صحيح .خرجه النسائي (4176) و (4177) , وفي "الكبرى" تحت الحديث (7747)و(7748) ,وأحمد (18752), والطبراني (2318).
[7] حسن : رواه الطبراني في الكبير 11537 وحسنه الالباني في صحيح الجامع 2536 

[8] الغزو الفكري ، و التيارات المعادية للإسلام ص 250 ، اعداد مجموعة من الباحثين .
[9] المقدمة 2/505 ت علي عبد الواحد وافي
[10] وجوب تطبيق الشريعة الاسلامية في كل عصر د. صالح السدلان ص 210 دار بلنسية.
[11] المرجع السابق ص211
[12] كلمة مستحدثة منحوتة من (المكياج) المزينات ، و المعنى التزيين و التجميل .
[13] وجوب تطبيق الشريعة ص 212، و الغزو الفكري ص 260.
[14] وجوب تطبيق الشريعة ص 212بتصرف يسير.
[15] تفسير الطبري 3/228
[16] المحلَّى لابي محمد بن حزم الظَّاهري 11/199
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة