-->
U3F1ZWV6ZTI0OTIyODIyOTkxX0FjdGl2YXRpb24yODIzNDExOTk3MTU=

التفريط، مفهومه وتطبيقاته في الإسلام


التفريط في اللغة

قال ابن فارس الفاء والراء والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إزالةِ شيءٍ من مكانه وتنحيتِه عنه. يقال فرَّطت عنه ما كرِهَه، أي نحّيته.  وقال الفيروز ابادي وفَرَّطَ الشيءَ، و فيه تَفْرِيطاً: ضَيَّعَهُ، وقَدَّمَ العَجْزَ فيه، وقصَّرَ. ([1])

التفريط في الاصطلاح.

التفريط هو التساهل في الأحكام والتكاليف، والتساهل في الألفاظ التي قد تَقُود صاحبَها إلى الرِّدَّة؛ فـ"الشياطين يُوحُون إلى بعضِ أتباعهم بالتقصير في مقتضيات العقيدة، وتضييعِ الأحكامِ، وإظهارِ العجزِ، وسُوءِ الظن بحكمة الأحكام، وغايتها، ومظاهرها، وأشكالها، ومضمونها" ([2])
فهو أحد أطراف الانحراف في تكاليف الشرع و أوامر الله تعالى وكلا الطرفين مذموم ومنهي عنه في كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة و السلام  ، قال تعالى : ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا [الإسراء: 29] 
قال بن حجر : وفي الحديث المتَّفق عليه: (وإذا أَمَرتُكم بشيء، فَأْتُوا منه ما استطعتم) ([3])
أي: افْعَلُوا قَدْرَ استطاعتكم، وقال النووي: هذا من جوامع الكلم، وقواعد الإسلام

خطورة التفريط

 التّفريط سوسة تنخر في عظام المؤمنين  حتى خرت  عروشهم فقد أصبح الكثير منهم يندرك في هاوية التَّفريط حتى لم يعد له من الإسلام سوى المسمى – و الله المستعان – وهو ظاهر للقاصي و الدَّاني ،  فقد أصبح اليومَ من الشائع أن يقول قائلٌ: "الدين إنما هو الأخلاق والمعاملة، والله – سبحانه وتعالى  - في غِنى عن أعمالنا"، وتَقُود مثل هذه الأقاويل إلى بدعة خطيرة تتجرّع الأمة وبالها الى يومنا الحاضر وهي بدعة الإرجاء وسيأتي الحديث عنها بشيء من التيسير.
وقد يكون الأمرُ أخطرَ عندما يَقُودُ التفريطُ صاحبَه إلى التلفُّظ بما يَقُود إلى الرِّدَّة، وادِّعاء أن الإيمان في القلب، أو أنه لم يَقْصِد إلى هذا المعنى، أو غير ذلك. ([4])

نماذج من التفريط

-       التَّساهل و التفريط  في  مسائل الإيمان و الحط من قيمة العمل التي يؤدي بدوره إلى بدعة الإرجاء و انتشارها فالمرجئة حكموا بإيمان العاصي إيماناً كاملاً في الدنيا وهو في الآخرة مع النبيين الصديقين والشهداء – و الله المستعان -
-       التفريط  و الإلحاد في الأسماء و  الصفات التي أثبتها الله لنفسه ورسوله  ونفيها وهذا هو ما وقعت فيه الذي وقع فيه  أصحاب الأهواء والبدع عقوبة لهم على تركهم الكتاب والسنة وطريق المؤمنين وتقديمهم لأفكار الملاحدة.
-       التفريط   في حق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  و  التساهل في الكلام عليهم و همزهم ولمزهم و الحط من جنابهم مما يوهم النّاس أنهم كانوا قوما يرتعون و يتمتعون بالمباحات ، وغيرها من التداليس ( كتزاويق و أكاذيب )  الخبيثة التي انتشرت على ألسنة العلمانيين و المنافقين في الإعلام المسلَّط على عقول المسلمين لتخريبها .
-       التَّفريط في الدَّعوة إلى الله  بحجة انقطاع صوت الدَّاعية  عن عقول الناس و أنه أصبح غير ناجع مقارنة بصوت التغريب القوي ، وأن النَّاس نبذة أهل الدَّعوة و استقلت الثقة فيهم ، وهذا – بلا شك – عامل من عوامل انتشار الانحراف و دعمه.
التفريط في طلب العلم الشرعي فنجد الكثير  من المسلمين يعيش ويحيا لا يتعلم العلم الشرعي ولا يدعو إلى الله ولو بأية أو حديث أو حتى بحسن أخلاقه وجميل عبادته فهو يعيش ليأكل ويتمتع ولا هم له إلا الدنيا وآخر ما يخطر بباله أمر هذا الدين وواقعه فيموت ولا أثر له يذكره به الناس وبذلك يكون ممن خذل الإسلام في حياته وما أكثر تلك الطائفة من الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله . ([5])



[1] مقاييس اللغة و تاج العروس مادة فرط
[2] الاعتدال في التدين الزحيلي ، ص 79.
[3] البخاري 6858   و مسلم 2380 ؛(ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج13 ص262

[4] الاعتدال في التدين فكرا وسلوكا ومنهجا للزحيلي ص79
[5] الأمة بين الإفراط والتفريط  محمد محمود عبد الخالق مقال وعنوانه https://saaid.net/arabic/55.htm
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة