-->
U3F1ZWV6ZTI0OTIyODIyOTkxX0FjdGl2YXRpb24yODIzNDExOTk3MTU=

حرية الفكر وضوابطها

صورة تعبيرية

مفهوم حرية الفكر: 

حريةُ الفكر تعني: "أن يكون للإنسان الحق في أن يفكر تفكيرًا مستقلًّا في جميع ما يكتنفه من شؤون، وما يقع تحت إدراكه من ظواهر، وأن يأخذ بما يهديه إليه فهمه، ويعبِّر عنه بمختلف وسائل التعبير"

مخاطر هيمنة الفكر على الاعتقاد 

ومع ما سبق من بيان أهمية الفكر في الإسلام وحث القرآن عليه واعتباره مصدرا عظيما من مصادر رسوخ الاعتقاد في الاسلام و زيادة الإيمان إلا أنَّ هناك مزالق تعتري العقل البشري أثناء عبور الجسر الى المعاني المجهولة له فيسقط في نفق الانحراف و الضلال. 

لذا فإن الإسلام عندما أطلق حرية الفكر قيَّدها "بالحفاظ على أركان الدين؛ وهو أساس الدولة، فليس من حق شخص يدعي أنه يفكِّر ثم يصل من تفكيره هذا إلى نفي الألوهية أو الرسالات السماوية، أو الطعن فيما هو مُسلَّم من الدين، ويُعلِنُ ذلك على الناس، فالإسلام لا يَسمَحُ بذلك تحت أي اسمٍ، أو في أية حال. 

إن المعتقدات الأصليَّة في الإسلام، والأصول المقررة في الشريعة - ينبغي أن تكون في الدولة الإسلامية فوق حرية الفكر، وليس هذا قيد على الحرية؛ وإنما هو ضمانٌ أكيد للحرية فيما وراء ذلك ، كما قُيِّدت حرية الفكر بعدم التفكُّر في ذات الله؛ لأن الله تعالى أخبر عن نفسه أنه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]

فكان من الواجب معرفة أصول الفكر المنضبط التي تعظم الرجوع الى المراجع الشرعية حفاظا على جناب الشريعة. 

الضوابط الشرعية لحرية الفكر:

عدم الخوض بالتفكير فيما لا يدركه العقل: 

فللعقل حدوده التي إن تجاوزها دخل في عوالم لا يدركها ولا يعقلها، فأي عقل يمكن – والعياذ 

بالله – أن يكتشف صفات الله أو أن يعرف كنهها وإن كان ولا شك يفهم معناها؟!. 

وأي عقل يستطيع أن يعرف أخبار أو كنه حياة البرزخ أو الجنة والنار أو ما شابه ذلك، ولذا كان العلماء يسمون هذه القضايا بالسمعيات، إذ مبناها على السمع والنقل لا على الرأي والعقل 
مخالفة النقل الصحيح أو ثوابت الدين: 

إن العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح بحال من الأحوال، ولا يمكن تخيل الخلاف بينهما، لكن إن ظن شخص أنهما اختلفا في نظره وعقله وفهمه، فيجب عليه التأكد من أن النقل صحيح، وفهمه له صحيح، فإن ثبت ذلك؛ فلا يمكن أن يخالفه العقل، وإلا كان ما يراه صاحبه عقلًا هو مجرد رأي خال من العقل، وكل من قال قولًا وسماه عقلًا: تجد أنه يمكن أن يقال عكسه، ويمنطق بطريقة أخرى ليقال: بل هذا هو العقل، فلا يوجد ما لا يمكن منطقتُه بطريقة أو بأخرى ، فمن الضوابط: أن الفكرة السليمة لا تخالف العقل الضروري، وإلا دخلنا في عالم من السفسطة، وإنكار الحقائق، ولم يعد يمكن ضبط القضايا إلا بمجرد التخبط والهوى.

النهي عن روح القطيع (الإمعية): 

وهي أمر منهي عنه ، فليس لمن ملك آلة الاجتهاد الحرية في أن يؤجِّر عقله لغيره ويأخذ منه، وليس هناك في البشر أحد غير النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤخذ منه كل شيء، فكلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول شيخ الإسلام ابن تيميه -رحمه الله-: «اتفق المسلمون على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كانوا متفاضلين في الهدى والنور والإصابة». 

ولذا لم يقبل المولى -سبحانه وتعالى- يوم القيامة حجة من احتج بأنه أطاع سادتهم وكبرائهم، بل قال -تعالى-: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ}[الأحزاب:67]. 

وقد جاء في حديث حذيفة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تكونوا إمعة ؛ تقولون : إن أحسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا أنفسكم : إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا فلا تظلموا ).

مراعاة النصوص قطعية الدلالة . 

فلا تكن محلا للاجتهاد العقلي ومن هذا القبيل النصوص قطعية الدلالة الواردة في العقيدة و العبادات وغيرها من الأدلة الأخرى التي وردت في أنظمة الإسلام المختلفة.


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة